إن من أعظم ومن أبرز وأجل سنن الله تعالى في كونه التي حثنا على المحافظة عليها لكي ننعم بالعيش الهنيئ السعيد هي النوم ليلا وابتغاء الرزق نهارا (وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا) سورة النبأ ، إلا أن معظمنا ومع كامل الأسف ضيع هذه السنة الكونية بل قلبها رأسا على عقب فأصبح معتادا على السهر ليلا والإستغراق في النوم خلال النهار بسبب كثرة محفزات السهر في زماننا هذا من قنوات لا حصر لها ومن وسائل تكنولوجية متعددة للترفيه والتواصل الإجتماعي ، مما نتج عن ذلك اختلال وظائف الجسم وظهور العديد من الأمراض التي لم تكن معروفة عند أجدادنا الذين مضوا لأنهم حافظوا على هذه السنة الكونية العظيمة.
لكن مع ذلك وعلى الرغم من كثرة محفزات السهر في زماننا هذا، لايزال كثير من الناس يحرصون على الإسيقاظ مبكرا مع أذان الفجر أو قبله بقليل، ويخلدون إلى النوم مباشرة بعد صلاة العشاء ، لما لهذه العادة من فوائد لا حصر لها على المستوى الروحي والنفسي وعلى المستوى الجسدي بطبيعة الحال ، وهذا النوع من الناس هم الذين يتميزون ويتمتعون بحياة أكثر صحة ونجاح كما تشهد بذلك التجارب والدراسات العلمية ،
وإليكم في هذا المقال بعض أبرز هذه الفوائد الصحية للإستيقاظ مبكرا وبعض العادات الناجعة المساعدة في الإستيقاظ مبكرا .
فوائد الإستيقاظ مبكرا :
1 الطاقة والحيوية والنشاط :
أن يستسقظ الإنسان من النوم مبكرا مع أذان الفجر أو قبله بقليل ويبدأ يومه بالوضوء والصلاة والدعاء ويستنشق هواء تلك الوقت المباركة ، فكل هذه العوامل ستمنحه طاقة عقلية ونفسية وجسدية هائلة ستساعده على قضاء يوم كامل بنشاط وفعالية وحيوية.
2 توفير الوقت :
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : (اللهم بارك لأمتي في بكورها) ، لأن الإسيقاظ في الصباح الباكر يجعلك تتحكم في وقتك عوض أن يتحكم فيك ، وهذا سيمنحك متسعا من الوقت لتخطيط يومك بشكل مناسب وإنجاز سائر متطلباتك بشكل سهل وسلس وبمنتهى الهدوء دون الشعور بالتوتر والضغط العصبي لنفاذ الوقت ومسابقته .
3 تركيز عالي :
يكون عقل الإنسان في الصباح الباكرعلى أهبة الإستعداد للعمل بشكل جيد وكفائة جد عالية ، وذلك لقدرته في ذلك الوقت بالذات على التركيز العميق ، مما يجعلك قادرا على إنجاز المهام في أسرع وقت وعلى أكمل وجه ، كما أتبتت الدراسات والتجارب على أن أفضل وقت للدراسة وطلب العلم والعمل بجد ونشاط هو الصباح الباكر ومن كان هذا دأبه فلابد له من تحقيق نتائج مبهرة في حياته بلا شك.
4 ممارسة الرياضة :
إن السهر لوقت متاخر من الليل لا شك أنه سيحرمك من ممارسة الرياضة الهامة للجسم في الصباح الباكر، وبالعكس تماما يمنحك الإستيقاظ مبكرا متسعا من الوقت ومزيدا من النشاط والتركيز للمشي في الهواء الطلق النقي أو ممارسة أنواع الرياضات التي تحب ،التي ستحسن حالتك النفسية أولا ثم ستجدد نشاط جسمك وتمنحك الطاقة اللازمة لإنجاز مهامك اليومية بكل هدوء وسلام .
5 تجنب الإزدحام الطرقي :
لا شك أن الإزدحام المروري يكون في ذروته بعد طلوع الشمس وفي أوقات العمل والدراسة ، وهذا ما يؤثر سلبا على الجهاز العصبي بالدرجة الأولى مع مرور الوقت ، والحل دائما هو الإسيقاظ المبكر الذي سيجنبك كل هذه المشاكل لإن الطرقات والشوارع في الصباح الباكر تكون شبه خالية، كذا وسائل المواصلات العمومية من قطارات وحافلات وسيارات أجرة تكون متوفرة في الصباح الباكر، عكس بعد طلوع الشمس حيث تكثر المشاحنات والملاسنات في المحطات بين الركاب المتأخرين عن مقر أعمالهم أو الطلاب المتأخرين عن مقر دراساتهم والسبب في ذالك كله هو التغافل عن بركات الصباح الباكرالذي سيجنبنا كل هذا التوثر والاعصاب ، بل في الصباح الباكر ستصل إلى مقر عملك قبل الوقت وستستغل هذا التبكير في ما سيعود عليك بالخير والبركات في حياتك .
6 المحافظة على الصحة بشكل عام :
إن الإنضباط والإنتظام في النوم والإستيقاظ مبكرا يظمن انتظام وثبات الساعة البيولوجية للإنسان وهي ساعة ذاتية فطرية ،من أبرز أدوارها أنها تتحكم في دورات النوم والإستيقاظ ، ناهيك عن دورها العظيم في كل ما يخص الإنسان كإفراز الهرمونات وتعديل درجة حرارة الجسم وغيرها ، ويؤدي خللها واضطرابها إلى اختلال العديد من العمليات الحيوية والصحية للإنسان ، وظهور العديد من الأمراض كأمراض الدماغ والقلب والمعدة وغيرها.
بعض العادات المساعدة في الإ ستيقاظ مبكرا :
لا شك أن الغالبية العظمى منا يعرف أو سبق له أن سمع عن بعض فوائد الإستيقاظ باكرا ، لكن الكثير منا أيضا لايعرف السبيل إلى هذه الفوائد نظرا لنمط عيشه الذي يحتم عليه تضييع هذه الفوائد اليومية للإستيقاظ مبكرا ، وفي هذة الأسطر المتبقية إن شاء الله سنتطرق إلى بعض العادات التي من شانها أولا أن تحسن من جودة نومنا ،كما ستساعدنا على الإستيقاظ الباكر لننعم بالحياة السليمة مع دوام الصحة والعافية إن شاء الله تعالى.
1 الإ ستعانة بالله عز وجلا :
لاشك أن كل أمر نستعين فيه بالله عز وجل يكون ميسرا مباركا ،لاسيما إن كانت النية صادقة في تغيير نمط عيشنا من أسوء إلى حسن ،وكان همنا نفع أنفسنا بالدرجة الأولى ثم نفع العباد ثانيا،فمن كانت هذه نيته ودعا الله عز وجل أن يعينه ، لا ريب أن الله تعالى سييسر له السبل إلى ذلك وسيمنحه الصبر حتى يعتاد عليه بكل يسر وسهولة.
2 إبعاد الهاتف عن السرير :
لا شك أن هرمون الميلاتونين يساعد الجسم على النوم والإسترخاء ، لكن للأسف الشديد الكثير منا يجهل خطورة الضوء الأزرق المنبثق من هواتفنا الذي بإمكانه منع إنتاج هرمون الميلاتونين في الجسم ، وكل هذا سيأدي إلى الأرق وصعوبة النوم المبكر، وبالثالي سنضطر إلى زيادة مدة السهر بتصفحنا مواقع التواصل أو اللعب أو ماشابه ذلك، مما سيزيد الطين بلة، والحل هو أولا إبعاد الهاتف من غرفة النوم قدر المستطاع شيئا فشيئا .
3 تعديل وقت النوم وتغييره بالتدريج :
من المعلوم بالضرورة أن تغيير أي عادة كيفما كانت ليس بالأمر السهل ، لذا فمن غير المعقول أن نغير توقيت خلودنا إلى النوم بشكل مفاجئ دون التدرج فيه ، لذلك من الأسهل لنا والأنسب والأنجع أن نبدأ بتغيير الوقت الذي ننام فيه بحوالي 15 دقيقة كل ليلة ، بمعنى أن نذهب إلى سريرنا أبكر ب 15 دقيقة كل ليلة إلى أن نصل إلى الوقت المثالي للنوم وهو بعد صلاة العشاء مباشرة .
4 وضع المنبه بعيدا عن متناول اليد :
يساعد وضع المنبه في مكان بعيد عن السرير في تسهيل عملية الإستيقاظ المبكر، وذلك أن يتم وضعه في مكان لايمكن الوصول إليه إلا بالنهوض من السرير والمشيء إن أمكن من أجل إيقافه، وهذا ما سيجعل الشخص يستيقظ رغما عنه
وتبقى فرصة عودته إلى النوم ضئيلة على عكس لو كان المنبه في متناول يده ، لأنه سيسهل عليه حينها إيقافه والرجوع إلى سباته.
5 ترك الوجبات الثقيلة والدسمة قبل النوم :
كما هو معلوم يفضل بعد تناول وجبة العشاء الإنتظار ما يقارب ساعتين إلى ثلات ساعات قبل النوم ، بهدف منح الجسم وقتا كافيا لهضم الطعام وحرقه ، ما يقلل من أي ضغط على الجهاز الهضمي قد يحدث بعد الإستلقاء والنوم .
لكن لو حدث العكس أو كانت الوجبة المسائية غنية ومشبعة بالمواد الدسمة والكثير من الدهون فلابد أنها ستسبب لصاحبها الكثير من المشاكل الصحية أبرزها الإضطراب في النوم لأن الجسم حينها لن يشعر بالراحة التي يحتاج إليها خصوصا إن كانت الوجبة دسمة فهذا سيتسبب بنفخة وغازات واضطرابات في المعدة ، الأمر الذي يعيق القدرة على النوم وقد يؤدي إلى الأرق وبالتالي صعوبة الإستيقاظ مبكرا.
6 إطفاء الأضواء والنوم في مكان مريح وهادئ:
يعتبر النوم مع إضاءة أي ضوء ضار بالحصول على قسط جيد من الراحة اثناء الليل، لأن عملية النوم مرتبطة بالهرمون المسبب للنوم وهو هرمون الميلاتونين وهو هرمون يفرز ليلا في الظلام والعتمة ويقل إفرازه في الضوء والنهار ، ولهذا يجب علينا أن نبتعد عن مصادر الضوء الكثيرة كمصابيح الشوارع وأجهزة التلفاز والضوء الأزرق المنبثق من هواتفنا أو أجهزة الكمبيوتر أو اللوحات الذكية عند خلودنا للنوم ، وكذلك أن تكون غرفة نومنا غرفة هادئة مرتبة لا تتخللها الفوضى ، فكل ذلك يساعد على راحة البال والسكينة حال نومنا وحال استيقاظنا .
7 ارتداء ملابس مريحة وواسعة أثناء النوم :
لما لها من دور في تحسين الدورة الدموية ، كذلك السماح للبشرة بالتنفس ، لأن السراويل الضيقة من شأنها الثأثير سلبا على الجسد سواء بتعطيل الدورة الدموية أو بتهييج الجسد أو غيرهما .
ختاما :
وفي الختام عزيزي القارئ أتمنى أن تكون قد استفت معي في هذا المقال المتواضع، كما أتمنى من العلي القدير أن يديم عليك نعمة الصحة والعافية إلى لقاء آخر إن شاء ربي لا تنسى مشاركة الموضوع مع إخوانك لتعم الفائدة .
إرسال تعليق